الثلاثاء، 11 نوفمبر 2014

القسط والعدل في القرآن.

1) أن القسط هو العدل البين الظاهر، ومنه سمي المكيال قسطاً، والميزان قسطاً؛ لأنه يصور لك العدل في الوزن حتى تراه ظاهراً، وقد يكون من العدل ما يخفى. 

2) جمع الله بين ذكر القسط والعدل في عدد من الآيات منها قوله تعالى: {وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْب} (الأنعام:152) ويدخل فِي الأمر بقول العدل –كما ينقل الرازي- كُلُّ مَا يَتَّصِلُ بِالْقَوْلِ كالدَّعْوَةِ إِلَى الدِّينِ، وَتَقْرِيرِ الدلائل عليه، وأن يكون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واقعاً على وجه العدل من غير زيادة في الإيذاء والإيحاش ونقصان عن القدر الواجب، ويدخل فيه الحكايات التي يذكرها الرجل حتى لا يزيد فيها ولا ينقص منها، ومن جملتها تبليغ الرسالات عن الناس، فَإنه يجب أن يؤديها من غير زيادة ولا نقصان. ويدخل فيه حكم الحاكم بالقول ثم إنه تعالى بين أنه يجب أن يسوى فيه بين القريب والبعيد؛ لأنه لما كان المقصود منه طلب رضوان الله تعالَى، لم يختلف ذلك بالقريب والبعيد.
لكننا نلاحظ أن العدل هنا اختص بالقول، والقسط ظهر في الفعل مع آلة ظاهرة وهي المكيال والميزان. 

3) كما نجد أن كلمة القسط تأتي في القرآن بمعنى الحكم القضائي {وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ} (المائدة:42)، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ}(النساء:135). ومن أسماء الميزان القسطاس {وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ وَزِنُواْ بِالقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ} (الإسراء:35). وللعلم كلمة يقوم لم ترد في القرآن مع العدل (قوامين بالقسط) فقط{لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ}(الحديد:25)، {وَأَن تَقُومُواْ لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ}(النساء:127)، {شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ}(آل عمران:18)،  {وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ}(الرحمن:9)، {وَيَا قَوْمِ أَوْفُواْ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ}(هود:85). 

4) وقيل: (العدل) هو الحكم بالحق " فقط " أما (القسط ) فهو تنفيذ هذا العدل، {فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} (الحجرات:9)، ويظهر أن في القسط قدراً أكبر من العدل لصالح طرف من الطرف المضاد له أو أطراف متعددة من قبل طرف ثالث لزيادة الإنصاف، أو سل سخائم الصدور؛ لذا جاءت القسط هنا بعد أن يتم العدل، وقال النبي صلى الله عليه وسلم -فيما رواه ابن ماجه- عن جابر، قَال: قَال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا وزنتم فأرجحوا)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق